الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

5 مع مجهول في المقعد الخلفي



منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً وتحديداً بعد عملي لعدة سنوات في الامارات العربية المتحدة وعودتي إلى مصر قررت شراء سيارة تاكسي والعمل عليها كدخل إضافي بعد انتهاء ساعات عملي الحكومي عند الثانية ظهراً، فكنت أتناول وجبة غدائي سريعاً ثم أقود سيارتي بحثاً عن الرزق حتى منتصف الليل ثم أعود لأنام وأبدأ دوامي مجدداً في الصباح وهكذا ، وفي إحدى ليالي الشتاء الباردة كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة وقد خلت الشوارع تقريباً من المارة بسبب هطول المطر وبرودة الطقس، فقررت أن اكتفي و أعود للمنزل التماساً للدفء لكنني وجدت امرأة تقف بمفردها على جانب الطريق وهي تشير إلي فترددت قليلاً ثم قررت التوقف إشفاقاً عليها من البرد ولكونها وحيدة دون رجل معها في هذه الساعة المتأخرة فاقتربت منها بالسيارة وفتحت النافذة المقابلة لها لأستفسر عن وجهتها فوجدت المسار يتوافق مع المسار المؤدي إلى منزلي فراقني ذلك وأشرت إليها بالصعود، ونظراً لطبيعة عملي اعتدت أن ألقي نظرة سريعة فاحصة على أي راكب أقله في سيارتي تحسباً لأي طارئ فكانت المرأة تبدو في نهاية العقد الرابع من العمر وترتدي زياً محتشماً ويبدو عليها الوقار ومظاهر الثراء ، جلست المرأة في المقعد الخلفي وأغلقت الباب فتأهبت للإنطلاق وأنا أمني نفسي بعشاء ساخن وفراش دافىء فى منزلي بعد إنتهائي من مهمة إيصالها إلى وجهتها، مرت لحظات من السكون ثم تراءى لي أنني قد سمعت صوت المرأة تتحدث من خلفي فاعتدلت فى جلستي والتفت إليها إلتفاتة سريعة وأنا اقول :"أفندم ..حضرتك تقولين شيئا؟ "، ولكني لم احصل على إجابة فظننت أنني غفوت للحظة بسبب الإجهاد وأن المرأة لم تتحدث مطلقاً فندمت على تسرعي وخشيت أن تشكك فى سلوكي فلزمت الصمت وعدت للقيادة وعند هذه اللحظة عادت للحديث مرة أخرى في وقتها لم تكن الهواتف الخليوية مستخدمة بعد في مصر فتأهبت كل حواسي ونظرت في زجاج المرآة الأمامية فرأيتها تهمهم بكلمات غير مفهومة وهي تنظر إلى جوارها فأيقنت أنها مضطربة عقلياً ولعل هذا كان من سوء حظي، تحفزت لأي حركة مفاجئة منها ورغم ذلك تمالكت نفسي وأنا أتشبث بالأمل الاخير بأن لا تكون مجنونة وسألتها :"إلى من تتحدثي حضرتك ؟!"، فنظرت إلي نظرة حادة وكأنها تراني لأول مرة وجاء جوابها قاطعاً :"هذا ليس من شأنك وليس عليك سوى القيادة"، فتملكني الذعر لأنني أخطأت في ظني ،فردها كان حاسماً ولايوحي بالجنون فأسرعت فى القيادة لعلي أنتهي من هذا المأزق وقررت الصمت ولكنها عادت للحديث من جديد ولكن بصورة عصبية وكأنها تهدد شيئاً ما يجلس بجوراها ،ابتلعت ريقي وأنا في غاية التوتر ولكني حمدت الله فقد وصلت إلى العنوان المطلوب فتوقفت وكنت مستعداً للمضي دون إنتظار أي أجرة مقابل أن أتخلص منها، ولكنها نزلت وأخرجت النقود اللازمة وأعطتها لي بكل هدوء بما لايدع مجالاً للشك بقدرتها العقلية غير أنها تركت باب السيارة الذي نزلت منه مفتوحاً فرجوتها بلطف أن تغلقه لكنها وقفت أمام الباب وأخذت تصيح على من تظنه موجوداً معها بأن عليه أن ينزل من السيارة حالاً وإلا ستنتقم منه وحينها جن جنوني فقد طفح الكيل وأسرعت بالنزول من السيارة وأغلقت الباب بعنف وأستدرت مسرعاً لأنطلق بأقصى سرعتي مبتعداً عنها فى حين كانت تشير إلي بغضب واضح ولكنني لم أكترث لها وانطلقت في طريقي.

راكب آخر !
بعدها بلحظات شعرت بوجود ثقل كبير في المقعد الخلفي وهيمن علي الإحساس بوجود شخص ما خلفي وشعرت بقشعريرة تسري في كل جسدي وبدأت بتلاوة أيات من القرآن الكريم ولكن إحساسي لم يتغير بل أحسست بان هذا الثقل يزداد وسرعة السيارة تتباطئ وان هذا الوجود الخفي يكاد يطبق على رقبتي فاستدرت بالسيارة بكل قوتي عائداً لنفس المكان الذي تركت المرأة فيه لأنني اعتقدت بأنها تركت لي هذا الشيء الذي كانت تحادثه ولهول المفاجأة لم تبرح المرأة مكانها منذ أن نزلت من سيارتي حيث تركتها فشعرت بخوف لم أشعر به يوماً في حياتي وكأنني فى كابوس وتوقفت أمامها ونزلت من السيارة وانا أتوسل إليها بأن تأخذ هذا الشيء الذي تركته معي ولحسن الحظ لم تكترث المرأة لوجودي وعادت تنظر إلى داخل السيارة وهي تقول بغضب :"ألم أحذرك واطلب منك النزول ، إن لم تنزل الآن لن يحدث لك خيراً " ، وجعلت أنقل بصرى بين السيارة الفارغة ونظرات المرأة الغاضبة والواثقة من لهجتها الآمرة فشعرت بأن المكان يدور من حولي وفجاة انفتح الباب الخلفي من تلقاء نفسه بقوة شديدة فتراجعت للوراء وكدت أفقد الوعي وصاحت المرأة :"هيا معي الآن واترك السيارة"، وانغلق الباب بنفس القوة ثم التفتت لي المرأة وهي تقول بلهجة آمرة :"ارحل سريعاً ولا تنظر خلفك"، فجريت وانا في غاية من الاضطراب والجنون إذ اختلط عرقي مع دموعي وشعرت ببرد شديد مع حرارة شديدة كالبركان داخلي وقدت السيارة وأنا على حالة لاتوصف من الهلع على الرغم من أنني لم أشعر بمثل الشعور الذي احسسته برفقة ذلك الشيء الغريب فتنفست الصعداء بعد عدة دقائق وكنت أصيح بأعلى صوتى :"الحمد لله ..الحمد لله"، توجهت إلى منزلي وأخبرت زوجتي بما جرى معي فم أقود السيارة مطلقاً منذ تلك الحادثة وقررنا بيع السيارة نهائياً وفعلاً قمت ببيعها وتابعت حياتي مكتفياً بوظيفتي الحكومية بعد أن كدت أفقد عقلي.

5 comments

17 سبتمبر 2010 في 8:41 ص

يمممممة اقراء وانا خايفة بس عجبتني القصة

تذكرني بروايات اغاثا كريستي

واخيراً قرات موضوع =)

يعطيك العافيه اخي

موفق

19 سبتمبر 2010 في 1:53 ص

اهلا وسهلا بك اختي هوايتي الرعب وعلى فكرة معظم المنشورات في المدونة حقيقية وهذه القصة حصلت وحقيقية ولو تتبعت القصة باللغة الانجليزية وفي الكتب سوف تتأكد انها حقيقية

غير معرف
20 سبتمبر 2010 في 4:27 م

زحمة حكي في المره القادمه وقبل قرأة اي

موضوع من المدونه { ذئب الظلام } تأكدي من عدم

وجود احد خلفك ...


قصه مغامره با الفعل استمر في ذالك فأنا اقرأ

...

دمتَ بود

23 سبتمبر 2010 في 2:45 ص

ايه الرعب ده

انا مكنتش بصدق اوي في المواضيع دي بس مدونتك هتخليني اصدق ربنا يستر

غير معرف
2 فبراير 2013 في 2:17 م

ياذئب حرام عليك هيك تساوي فينا الساعة 1:10 بالليل وانا بشوف هالموضوع هلأ شو بدو يصير فيني كيف بدي نام بس عن جد مدوناتك كلها مشوقة وهاد الشي اللي يشدني لقراءتها ....تسلم ايديك Mariyana +_+

إرسال تعليق

ذئب الظلام

المشاركات الشائعه

 

المشاهدات

المتابعين

من نا