هل انتحر حقا ام خدع الجميع و فر الى مكان مجهول ؟
هتلر و هو يودع الجنود الالمان المتوجهين الى جبهات القتال و في الاعلى صورة يزعم الروس انها لجثته بعد موته
بداية النهاية
ربما لم يخطر على بال أدولف هتلر ( (Adolf Hitler (1) عندما انتقل للسكن في دار المستشارية مطلع عام 1945 بأنه سيحاصر داخل قبو المبنى الضخم الذي طالما كان منبرا لخطبه النارية التي ألهبت حماس الملايين من الألمان كما انه لم يتخيل بالطبع , حتى في أسوء كوابيسه , بأنه سيأتي يوم لن يتمكن فيه من التجول حتى في الشوارع القريبة المحيطة بالمبنى القابع وسط برلين , فبعد أن كان خياله الجامح قد صور له لسنوات طويلة بأن فيالقه العسكرية ستحمله إلى ابعد نقاط الأرض ها هو اليوم محاصر من كل جهة وسط ركام العاصمة التي أراد لها أن تكون سيدة العالم المطلقة , لقد بدا واضحا بأن نهاية النازية و سقوط برلين ما هي إلا مسألة وقت و إن إمبراطورية الرايخ الثالث الخالدة التي زعم هتلر بأنها ستدوم لألف عام بدئت تنهار بسرعة قياسية تحت وقع الضربات القوية للحلفاء الذين أخذت جيوشهم تزحف بسرعة من الغرب و الشرق لتطبق كفكي كماشة على العاصمة المنكوبة , لقد أصبح الانتصار محسوما للحلفاء و اخذوا يخططون لمرحلة ما بعد الحرب و كيفية تقاسم الكعكة الألمانية. و يبدو ان هتلر أدرك في النهاية حتمية الهزيمة لكنه كان لازال يأمل بحدوث معجزة ما تقلب موازين القوى و تجعل الفيالق السوفيتية بقيادة جوكوف تنتحر عند بوابات برلين!(2) و كان لايزال يعطي أوامره إلى قادة جيشه لتحريك القوات من دون أن يدرك بأن معظم هذه الجيوش التي كان يحركها على الورق لم يعد لأغلبها وجود على ارض الواقع إذ إن معظمها أفنيت عن بكرة أبيها أو فر جنودها باتجاه الغرب خوفا من أن يقعوا أسرى بيد القوات الروسية الزاحفة من جهة الشرق.
بعد ان فشلت خططه في صد الجيوش السوفيتية خارج برلين عقد هتلر في 22 نيسان / ابريل اجتماعا عسكريا مع هيئة أركان حربه استمر لمدة ثلاث ساعات و قد ظهر خلالها في حالة مريعة من الغضب و اليأس و القنوط و اقر صراحة خلال الاجتماع باحتمال أن تخسر ألمانيا الحرب لكنه رفض بشكل قاطع أي شكل من إشكال الاستسلام و اعتبر الإقدام على التفاوض مع العدو بمثابة الخيانة عظمى كما رفض بشدة نصيحة بعض الضباط بترك دار المستشارية و الفرار إلى منطقة جبال الألب في بافاريا لإدارة القتال و المقاومة من هناك , لقد بدا هتلر مصمما على البقاء في برلين من اجل القتال حتى النهاية كما انه عبر بجلاء عن رغبته في الانتحار و وضع حد لحياته و استشار لاحقا طبيبه فارنر هاسه حول أفضل الطرق لتنفيذ ذلك فأقترح عليه تناول سم السيانيد ثم إطلاق رصاصة على الرأس.
الرواية الرسمية للأيام الاخيرة في حياة هتلر
مبنى دار المستشارية قبل ان يهدمه الروس و في القبو تحته امضى هتلر اخر ايام حياته
في اليوم التالي أعطى هتلر الأذن لجميع الموجودين في دار المستشارية بالمغادرة إذا رغبوا في ذلك و قد غادر معظمهم بالفعل و لم يبق مع هتلر سوى مجموعة من الأشخاص المقربين مثل عشيقته ايفا براون (Eva Braun ) (3) و وزير إعلامه جوزيف غوبلز مع زوجته و أطفاله الستة و من العسكريين بقي عدد من كبار الضباط مثل مارتن بورمن و كذلك عدد من أفراد حماية هتلر و مرافقيه الشخصيين و بعض ضباط و جنود وحدات النخبة النازية (SS ) إضافة إلى بعض الموظفين المدنيين مثل السكرتيرات و الطباخ.
في يوم 26 نيسان / ابريل وصل مدى نيران المدفعية الروسية إلى قلب برلين و تعرض مبنى دار المستشارية للقصف للمرة الأولى.
في يوم 28 نيسان / ابريل جن جنون هتلر عندما علم عن طرق غوبلز بأن هاينريش هيملر يفاوض الانكليز سرا من اجل الاستسلام , لقد كان هيملر رفيق نضال هتلر منذ السنوات الأولى لتأسيس الحزب النازي و كان لسنوات طويلة ذراع هتلر الضارب الذي طالما استعمله لقمع أعدائه و خصومه بدون رحمة فهو رئيس وحدات النخبة و تخضع لسلطته جميع المؤسسات الأمنية النازية. لقد اتفق جميع المتواجدين في قبو دار المستشارية على ان هتلر أصيب بحالة من الغضب لم يسبق لهم أن شاهدوا لها مثيلا عليه في السابق إذ اخذ يصرخ بصورة هستيرية مطالبا بإنزال اشد العقاب بهيملر , و كنوع من الانتقام الارتجالي أمر حرسه الشخصي بأن يقبضوا على احد الضباط الذي كان ممثلا لهيملر في المبنى و أمر بأن يعدم فورا فأخذوه إلى الأعلى و أعدموه رميا بالرصاص في الحديقة الخلفية لدار المستشارية.
بعد خيانة هيملر بدء هتلر يصاب بحالة من جنون الارتياب , كما انه بدء يفكر جديا في الانتحار لكي لا يلاقي نفس مصير حليفه بينتو موسوليني في ايطاليا حيث اعدم و تم التمثيل بجثته التي سحلت و علقت رأسا على عقب في إحدى ساحات ميلانو. كان لدى هتلر عدة كبسولات من سم السيانيد (3) القاتل التي حصل عليها عن طريق بعض ضباط وحدات النخبة النازية و لكن لأن أفراد هذه الوحدات كانوا تحت إمرة هيملر فقد بدء الشك يخامر هتلر في أن تكون الكبسولات التي بحوزته مزيفة لذلك أمر بتجربتها على كلبته المدللة بلوندي و قد ماتت الكلبة المسكينة في الحال ما أن تم وضع إحدى الكبسولات في فمها.
صور عشيقة هتلر و زوجته في اخر يوم من حياته ايفا بروان
عند منتصف ليلة 28 نيسان / ابريل 1945 تزوج هتلر من عشيقته ايفا براون في قبو دار المستشارية , كانت ايفا ترتدي ثوبا من الحرير الأسود أما هتلر فقد كان مرتديا بدلته العسكرية , و قد قام احد الضباط بإتمام مراسم الزواج المدني حيث سأل العروسين إذا كان كلاهما من العرق الآري النقي و لا يحملان أي عيوب وراثية! و عندما ردا بالإيجاب أعلنهما زوجا و زوجة أما شهود الزواج فقد كانا كل من غوبلز و بورمن , و يقال أن ايفا أخبرت الحضور تلك الليلة بأنها حامل بطفل هتلر إلا أنه لا يوجد أي دليل يدعم صحة ذلك الادعاء , و بعد حفلة صغيرة و مختصرة شاركت فيها الحلقة المقربة من هتلر توجه الجميع إلى غرفة الجلوس و تناولوا إفطارا مختصرا مع الشمبانيا و بعدها غادر هتلر مع سكرتيرته ترادول يونغه إلى مكتبه ليملي عليها وصيته الأخيرة التي تضمنت قسمين أحداهما وصية شخصية ابتدئها بمدح إخلاص ايفا براون , رغم انه لم يذكرها بالاسم , و قال إن زواجهما كان ليتم منذ مدة طويلة لولا انه حرم نفسه من جميع المتع الشخصية و ضحى بها من اجل خدمة الشعب الألماني كما ذكر أنهما قررا الانتحار و أوصى بتسليم لوحاته الفنية إلى مدينة لينتز التي قضى ردحا من حياته فيها كما أوصى بأي شيء ذي قيمة يملكه بأن يوزع بين أقاربه و سكرتيرته و جعل مارتن نورمن مسئولا على تنفيذ وصيته , أما الوصية السياسية فقام فيها بطرد كل من هيرمان غورنغ و هاينريش هيملر من الحزب و عين كابينة جديدة للحكومة كما تضمنت الوصية نفس مبادئه و شعاراته التي رددها طوال السنوات السابقة و تنصل فيها من المسؤولية عن نشوب الحرب و هاجم اليهود مجددا و اعتبرهم السبب في كل مصائب العالم. وبعد أن وقع الوصية و شهد عليها كل من غوبلز و مارتن و فون بيلوف توجه هتلر إلى غرفة نومه مع ايفا , و يبدو إن الليلة الأخيرة في حياة الفوهرر لم تكن مريحة إذ انه لم يستطع النوم حتى الصباح.
في ساعة متأخرة من صباح اليوم التالي اجتمع هتلر مع هيلموت فيدلنغ قائد عمليات الدفاع عن مدينة برلين و الذي اخبره بأن قوات الجيش الأحمر السوفيتية لا تبعد سوى مسافة 500 متر عن دار المستشارية و أن المدينة ستسقط على الأرجح قبل حلول الظلام ثم طلب منه الإذن بوقف القتال و على عكس من المرة السابقة التي رد بها هتلر على طلب مماثل لفيدلنغ بعصبية و خشونة فأنه هذه المرة اكتفى بالصمت ثم أنهى الاجتماع , و يبدو إن هتلر كان عازما على الانتحار قبل حلول مساء ذلك اليوم لذلك أرسل عند الساعة الواحدة أوامره لفيدلنغ يأذن له بموجبها بوقف القتال في تلك الليلة , ثم تناول وجبة الغداء عند الواحدة ظهرا مع سكرتيراته و الطباخ و كان الطعام يتكون من القليل من المعكرونة مع الصلصة , و بعد أن انهوا تناول طعامهم قام كل من هتلر و ايفا بتوديع العسكريين و الموظفين الموجودين في قبو دار المستشارية ثم انسحبوا إلى مكتب هتلر الخاص و أغلقوا الباب دونهم و كان ذلك عند الساعة الثانية و النصف ظهرا.
عند الساعة الثالثة و النصف من يوم 30 نيسان / ابريل سمع بعض الموجودين في قبو دار المستشارية صوت إطلاق نار قادم من داخل مكتب هتلر , مع إن اوتو غانيش معاون هتلر الشخصي الواقف عند باب المكتب لم يسمع شيئا؟!! , و بعد أن انتظروا لعدة دقائق قام كل من مارتن بورمن و رئيس التشريفات هاينز لينغه بفتح باب المكتب الصغير و على الفور شما رائحة تشبه رائحة اللوز المحروق تعبق هواء الغرفة و هي رائحة غاز السيانيد. ثم دخل اوتو غانيش إلى الغرفة و شاهد جثة هتلر مستلقية على أريكة صغيرة و هي منحنية إلى الأمام و الدم يتدفق منها بغزارة و عند أقدام هتلر كان يقبع مسدسه الشخصي ملقيا على الأرض , و رغم ان جميع المتواجدين في غرفة هتلر آنذاك اتفقوا على انه مات منتحرا إلا ان أقوالهم تناقضت حول الطريقة التي انتحر بها , البعض قال بأنه قضم كبسولة السيانيد ثم وضع المسدس في فمه و أطلق النار إلى الأعلى مما أدى إلى تطاير جزء من مقدمة جمجمته , فيما قال آخرون بأنه أطلق النار على جبهته بعد أن ابتلع السيانيد و أن الطلقة اخترقت عنقه. وإلى اليسار من جثة هتلر على نفس الأريكة استلقت جثة ايفا بروان لكن جسمها كان منحنيا بعيدا عن هتلر و لم يكن هناك أي اثر لجروح أو دماء على جثتها و بدا جليا بأنها انتحرت بواسطة قضم كبسولة السيانيد فقط , و المفارقة أنها انتحرت بعد اقل من أربعين ساعة على زواجها و كانت في سن الثالثة و الثلاثين عندما فارقت الحياة اما هتلر فكان عمره عند موته 56 عاما و عشرة أيام.
كان هتلر كان قد اوصى بحرق جثته لكي لا يمثل بها إذا وقعت بيد الروس و أوكل هذه المهمة إلى معاونه الشخصي اوتو غانيش الذي قام بمساعدة هاينز لينغه و ارتر اكسمن بلف الجثة بسجادة رمادية اللون ثم حملوهما إلى الأعلى عبر ممر الطوارئ إلى الحديقة الخلفية الصغيرة لدار المستشارية و قاموا بوضعها داخل إحدى الحفر التي سببتها قذيفة سوفيتية ثم عادوا و جلبوا جثة ايفا و ممدوها إلى جانب جثة هتلر و قاموا بسكب حوالي مئة لتر من الغازولين على الجثتين ثم أضرموا النار فيهما و وقفوا لبرهة لمشاهدة المنظر بعد ان رفعوا أيديهم لإلقاء التحية الأخيرة على الفوهرر , و قد شهد عملية الحرق كل من غوبلز و بورمن و غانيش و لينغه إضافة إلى ضابطين و بعض الحرس , و سرعان ما عاد الجميع الى داخل المبنى بسبب شدة القصف الروسي لكن حارس بوابة الممر المؤدي الى الحديقة قال فيما بعد انه استمر بمراقبة الجثث و هي تحترق حتى تفحمت تماما و إن القذائف الروسية أنجزت بقية المهمة إذ مزقت بقايا الجثث و بعثرتها بحيث لم يبق لها أي اثر.
بعد انتحار هتلر و حرق جثته بدء جميع من في دار المستشارية بالتسلل من المبنى من اجل الفرار من قبضة الروس باستثناء غوبلز الذي انتحر مع زوجته و أطفاله في اليوم التالي لانتحار هتلر , و في 2 أيار / مايو , أي بعد يومين على انتحار هتلر , دخلت وحدة خاصة من استخبارات الجيش الروسي إلى دار المستشارية كانت مهمتها الرئيسية هي معرفة مصير هتلر فرغم أن السوفيت كانوا يعلمون بأنه انتحر لكن ستالين في موسكو كان يريد دليلا حيا يثبت إن عدوه اللدود قد أصبح حقا في عداد الموتى. في البدء عثر أفراد الوحدة السوفيتية على جثث أطفال غوبلز الستة الذين قتلتهم أمهم عن طريق حقنتهم بالسيانيد ثم عثروا على جثتي غوبلز و زوجته ماغدا محروقتين جزئيا في حديقة مبنى المستشارية. و في نفس اليوم شاهد احد الجنود الروس عن طريق الصدفة بقايا سجادة محروقة في إحدى الحفر التي خلفتها القذائف المنهمرة على الحديقة الخلفية لدار المستشارية و تحت السجادة عثر الروس على بقايا جثة هتلر و ايفا براون إضافة إلى رفات محروقة لجثتي كلبيهما و زعم الروس بأنهم استطاعوا التعرف عن جثة هتلر عن طريق عظام فكيه و أسنانه التي أكد أطباء أسنان هتلر بأنها تعود له.
صورة تزعم المخابرات الروسية انها لجثة هتلر بعد ان انتحر
قام السوفيت بنقل جثة هتلر بسرية تامة من اجل فحصها و تشريحها ثم رفعوا تقريرا مفصلا لستالين يؤكد ان الجثة المكتشفة في الحديقة الخلفية لدار المستشارية تعود لهتلر , و خلال تنقل الوحدات السوفيتية داخل الأرض الألمانية قاموا بدفن و نبش جثث هتلر و ايفا عدة مرات ثم أخيرا استقر بها المطاف في قبر مجهول بالقرب من احد المقرات الأمنية السوفيتية في ألمانيا الشرقية السابقة , لكن في عام 1970 كان على السوفيت تسليم المبنى للسلطات الألمانية بموجب اتفاقية ثنائية و قد خشي المسئولين السوفيت من ان يتم العثور على بقايا جثة هتلر فتتحول الى رمز و مزار للنازيين الجدد و القوميين الألمان , لذلك قامت وحدة خاصة من المخابرات السوفيتية (KGB ) بنبش قبر هتلر و إخراج ما تبقى من رفاته ثم احرقوها و نثروا رمادها بواسطة المروحية فوق جبال الألب الألمانية , و يبدو ان السوفيت استثنوا من الحرق قطعة صغيرة من جمجمة هتلر فيها ثقب يعتقد انه ناتج عن الرصاصة التي انتحر بها و كذلك احتفظوا بجزء صغير من طقم الأسنان الكاذبة في فكه إضافة إلى الأريكة التي يعتقد أن هتلر انتحر و هو جالس عليها و كانت آثار الدم لازالت تغطيها.
اين اللغز في كل هذا؟
رغم كل ما ذكرناه أعلاه لكن في الحقيقة لا احد يعلم ماذا جرى بالضبط داخل قبو دار المستشارية خلال الأيام و الساعات الأخيرة التي سبقت انتحار هتلر و حرق جثته , فكل المعلومات حول تلك الأحداث جاءت عن طريق الأشخاص المقربين من هتلر الذين رافقوه حتى أخر لحظة و استطاعوا النجاة من الموت خلال معركة برلين , كما أن لا احد سوى الله وحده يعلم ماذا جرى داخل الغرفة التي انتحر فيها هتلر مع ايفا , هل كانت الجثة المكتشفة داخل الغرفة تعود لهتلر حقا ؟ لا تنس عزيزي القارئ ان هتلر و ايفا قبعا لوحدهما داخل الغرفة لقرابة الساعة قبل أن يدخل غانيش و يشاهد جثثهم و لا احد يعلم بالضبط ماذا فعلا خلال تلك الساعة الأخيرة. غانيش و لينغه و اكسمن قالوا ان الجثة التي كانت في الغرفة كانت تعود لهتلر لكن يجب ان لا ننسى ان هؤلاء الأشخاص كانوا من اقرب المقربين للفوهرر و أكثرهم إخلاصا و لا يوجد ما يمنع أن يكونوا قد كذبوا بهذا الشأن أو أن يكونوا جزءا من مؤامرة دبرت بعناية عن طريق قتل شخص شبيه بهتلر فمخابرات الحلفاء كانت على علم تام بأن هتلر كان يملك ستة أشباه , ثم تم إيهام الجميع بأن الجثة تعود لهتلر خاصة و ان وجهها كان مشوها جزئيا و مغطى بالدم , و مما يدعم هذا الرأي هو التناقض الواضح في أقوال هؤلاء الأشخاص فبعضهم سمع صوت الرصاصة التي انتحر بها هتلر فيما لم يسمع الآخرون ذلك و بعضهم قال أن هتلر أطلق النار داخل فمه في حين قال الآخرون انه أطلق النار على جبهته و بعضهم قال ان هتلر و ايفا كانا جالسين على أريكة واحدة فيما قال البعض الأخر إن هتلر كان يجلس على كرسي منفصل. أما الأكثر طرافة فهو زعمهم بأن هتلر و ايفا انتحرا عن طريق قضم كبسولات السيانيد أولا ثم قام هتلر بإطلاق النار على رأسه! و هذا الأمر مستحيل فتأثير سم السيانيد فوري و عند تناوله أو استنشاقه سرعان ما يدخل الإنسان في غيبوبة قد تؤدي إلى الموت خلال لحظات و من المحال أن يستطيع شخص تناول سم السيانيد من أن يرفع مسدسا إلى رأسه و يطلق النار على نفسه!.
أما بالنسبة لحرق الجثة فقد قال الحرس في الحديقة بأنهم شاهدوا جثة هتلر وهي تحترق لكن هل كانت جثة هتلر هي التي تحترق أم جثة شخص أخر ؟ لا ننسى أنها كانت ملفوفة جزئيا ببساط. أما بالنسبة إلى جثة ايفا فإذا صدقنا بأنه ليس هناك خدعة و إن الشهود كانوا صادقين في روايتهم حول انتحار هتلر و ايفا فما الذي يمنع من أن يكون هتلر قد أوهم ايفا بأنه تناول كبسولة السم مما دفعها إلى أن تحذوا حذوه ثم قام هو و أعوانه بتدبير مسرحية محكمة انطلت على الجميع , بل ان هناك من يذهب ابعد من ذلك و يزعم ان جثث هتلر و ايفا التي أخرجت من الغرفة كانت مجرد دمى مصنوعة بدقة في حين ان هتلر و ايفا الحقيقيين فرا خلسة من المبنى بطريقة أو بأخرى , لا تنس عزيزي القارئ أن الألمان كانوا امة متطورة بل إنهم سبقوا الكثير من أمم العالم آنذاك في مجال العلم و التكنولوجيا و إن معظم الاكتشافات العظيمة التي حققتها الدول الكبرى بعد الحرب كانت بمساعدة العلماء الألمان الذين تم أسرهم و نقلوا سرا إلى مختبرات سرية أمريكية و سوفيتية للاستفادة من خبراتهم (ساهموا في اختراع و تطوير القنابل الذكية , القنبلة النووية , الطائرة النفاثة , علم الوراثة .. الخ).
ثم نأتي إلى مزاعم السوفيت , ففي بداية سقوط برلين زعموا بأن هتلر حي و أنهم القوا القبض عليه ثم بعد ذلك عادوا و قالوا انه هارب و أخيرا زعموا أنهم وجدوا جثته في حديقة دار المستشارية و قصة العثور على الجثة هي نكتة بحد ذاتها إذ إن وحدة الاستخبارات السوفيتية العتيدة المكلفة بمعرفة مصير هتلر لم تستطع العثور على جثته رغم أنها فتشت دار المستشارية شبرا شبرا و لكن احد الجنود السوفيت شاهد عن طريق الصدفة بقايا سجادة محروقة في احد الحفر لذلك احضر معولا و بدء بالحفر طمعا في العثور على كنز!! و لكنه بدل أن يعثر على الذهب عثر على بقايا كلب محروق ثم حفر أكثر و عثر على جثة كلب أخر! و يبدو أن الجندي المعتوه لم يكتف بالعثور على كلبين محروقين فاستمر بالحفر ليعثر أخيرا على جثث هتلر و ايفا و استطاع التعرف عليها رغم أن حراس هتلر قالوا ان جثته قد تحولت بعد حرقها إلى قطعة فحم و إن القذائف الروسية المنهمرة على مبنى دار المستشارية بعثرتها و مزقتها كل ممزق حتى لم يبقى لها اثر , فكيف تمكن إذن الجندي السوفيتي العبقري من التعرف إلى الجثة ؟ و لماذا هذه الجثة المزعومة لم تصور باستثناء صورة واحدة يتيمة هي بحد ذاتها فضيحة و دليل على كذب الروس (انظر الصورة أعلاه عزيزي القارئ) , فبعد خمسين سنة على موته المزعوم خرج علينا الروس بصورة وحيدة ملتقطة ضمن فيلم قصير و قد اجمع كل من رآها بأنها لا تعود لهتلر و أنها على الأرجح تعود لشبيهه أو أنها مفبركة , ثم على افتراض إن الصورة حقيقية و ليست من اختراعات المخابرات السوفيتية فمن التقط هذه الصورة ؟ إذ إن جميع من كانوا في قبو دار المستشارية لم يذكروا شيئا عن التقاط صورة لهتلر بعد انتحاره فهل كان ملتقط الصورة هو جندي روسي و متى التقطها ؟ هل لبس طاقية الإخفاء و تسلل إلى الغرفة التي انتحر بها هتلر و التقط الصورة بدون أن يراه احد من حرس هتلر أم انه التقط الصورة بعد إحراق الجثث و تفحمها؟!! ثم لماذا لم يحتفظ السوفيت بأي شيء من جثة هتلر؟ فكل أدلتهم على موته تنحصر بقطعة من أسنانه الكاذبة و قطعة أخرى من جمجمته و قد أصبح هذان الدليلان اللذان كشف عنهما الروس بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 الإثبات الوحيد على موت هتلر. لكن في عام 2009 جاءت المفاجأة الكبرى و الضربة القاصمة التي هدمت أكاذيب السوفيت من الأساس , فبعد اخذ و رد طويل حصل بعض الباحثين الأمريكان على موافقة السلطات الروسية في الحصول على عينة صغيرة من قطعة الجمجمة المزعومة لهتلر و بعد إجراء الفحوص الدقيقة و اختبار الحمض النووي بأحدث التقنيات الموجودة في العالم تبين ان قطعة الجمجمة التي شكلت لعقود الدليل الرئيسي على موت هتلر هي في الحقيقة تعود إلى جمجمة أنثى يتراوح عمرها بين 20 – 40 عام !!. أنها فضيحة تاريخية بكل المقاييس و المعايير فهي تعيدنا إلى نقطة الصفر و إلى السؤال الذي طرحه ستالين على ضباطه قبل سبعين عاما : هل حقا انتحر هتلر؟ فعلى الرغم من ان الاطباء الروس قدموا له تقريرا مفصلا آنذاك حول تشريح جثة هتلر المزعومة إلا ان الرجل لم يقتنع أبدا بأن الجثة حقيقية , و قد يقول البعض ان قطعة الجمجمة ربما تعود لأيفا براون التي كان عمرها عندما انتحرت 33 عاما و لكن جميع الأشخاص الذين تواجدوا داخل دار المستشارية أثناء انتحار هتلر لم يذكروا ان ايفا كانت مصابة بطلق ناري في رأسها لا عندما عثر على جثتها داخل مكتب هتلر و لا عندما أحرقت هذه الجثة في حديقة دار المستشارية.
قد لا يكون مصير هتلر مهما اليوم فهو الآن ميت بكل الأحوال لأنه لو كان حيا فعمره الآن يتجاوز المائة و العشرون عاما , لكن المفارقة انه نجا من المحاكمة على جرائمه و لم يستطع أي شخص إذلاله و القبض عليه إذ في جميع الأحوال , سواء كان انتحر أو تمكن من الفرار , فهو لم يحاكم و لا وقف وجها لوجه أمام ضحاياه و لا وصلت أيدي أعداءه إليه , بل إن جل ما استطاع الحلفاء فعله هو تلفيق مجموعة كبيرة من الأكاذيب أما الحقيقة الواضحة كالشمس في رابعة النهار فهي ان أحدا لا يعلم على وجه الدقة ماذا حدث لهتلر , ربما يكون انتحر حقا لكن كل المزاعم حول العثور على جثته هي محض كذب , و هناك من يزعم انه فر إلى أمريكا الجنوبية و عاش سعيدا لما تبقى من عمره بل إن هناك العديد من الأشخاص خلال العقود المنصرمة ممن ادعوا أنهم شاهدوا هتلر في أماكن مختلفة من العالم و هذا موضوع آخر قد يطول الخوض فيه.
صورة تتحدث عن تنكر هتلر و انه لم ينتحر في مبنى دار المستشارية
الخلاصة عزيزي القارئ هي ان هناك الكثير من الأشخاص حول العالم يعتقدون إن هتلر كان شخصا مجنونا حملته الفرص و الصدف و ظروف ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى إلى أن يتسلق سلم السلطة لاعبا على أوتار القومية الألمانية و على الجرح النازف الذي خلفته معاهدة فرساي في كرامة الوجدان الألماني , لكن الحق يقال , و بغض النظر عن كون الرجل معتوها أو مجنونا , فأنه دوخ العالم في حياته و في مماته.
الثلاثاء، 31 أغسطس 2010
5 لغز هتلر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
5 comments
قصة رائعة - حفظك الله
He is The BEST
والله انا معجب جداً بهتلر
ولو كان ممات لكان عقد اليهود وموتهم
شكرا على الموضوع الرائع
10/10
قصة رائعه !!
ويعوود اللغز والسؤال مع صدام ؟
هل حقا مات ؟؟
ياخي أحب هذا الإنسان
فعلا أن شخصية هتلر قياديه بكل المقاييس ويا ليته كان مسلما
إرسال تعليق